تصعيد سياسي منسّق ومتناغم بين “القوات اللبنانية” و”سلام” والهدف احراج عون


أفادت صحيفة “الأخبار” بأن رئيس الحكومة نواف سلام يُكثّف من مواقفه الموجّهة إلى كسب الرضا الأميركي والخليجي، متجاهلًا التحديات والمخاطر التي تهدد لبنان. وتندرج تصريحاته الأخيرة أمام الجالية اللبنانية في الإمارات، حول ما سمّاه “التحرر من ثنائية السلاح”، ضمن حملة سياسية متناسقة يقودها معسكر المشروع الأميركي في لبنان، ويشارك فيها وزير الخارجية يوسف رجّي، المحسوب على حزب “القوات اللبنانية”، الذي صعّد بدوره واصفًا سلاح حزب الله بـ”غير الشرعي”، ومعلنًا انتهاء ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”.

وتشير أوساط سياسية محلية إلى أن هذا التصعيد يأتي من موقعين أساسيين: رئيس الحكومة وحزب “القوات اللبنانية”، إلا أن الهدف الحقيقي لا يقتصر على مهاجمة حزب الله، بل يتعداه إلى محاولة إحراج رئيس الجمهورية جوزيف عون، المعروف بسعيه إلى الحفاظ على قنوات التواصل مع الحزب وتجنّب أي مواجهة داخلية.

وبحسب معلومات “الأخبار” من مصادر رسمية مطّلعة، فإن هذه الحملة تتلاقى مع تحوّل أميركي ملحوظ في الموقف من رئيس الجمهورية، تحت عنوان “عدم الوفاء بالتعهدات” التي يُقال إنه التزم بها قبل انتخابه. وقد جرى تسريب هذا الموقف عمدًا إلى الإعلام عبر صحافيين زاروا الولايات المتحدة مؤخراً.

وتبرز أهمية هذه الحملة في توقيتها المتزامن مع زيارة مرتقبة إلى بيروت لنائبة المبعوث الأميركي، مورغان أورتاغوس، التي أفادت المصادر أنها تحمل معها رؤية أميركية شاملة للوضع اللبناني، تستند إلى معادلة “واحد مقابل واحد”، وتشمل قضايا الترسيم البري، والنقاط الخمس المحتلة، والأسرى، في إطار مسعى لإقرار هدنة طويلة الأمد. وتعتبر هذه الرؤية، وفق ما نُقل عن أورتاغوس، أن معالجة ملف السلاح باتت أولوية لا مفر منها.

وأكدت المصادر أن أورتاغوس ستعرض هذا الطرح على المسؤولين اللبنانيين ضمن منطق “لا خيار أمامكم سوى القبول، وإلا فالمزيد من الضغوط بلا سقوف”، مشيرة إلى أن الفريق الأميركي يمتلك خرائط تضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت السيادة السورية، في مقابل الاعتراف بحق لبنان بجزء من قرية الغجر. وتُتداول معلومات عن إعلان وشيك من دمشق يؤكد هذه الرواية.

وتُبدي المصادر نفسها خشيتها من أن تعتمد أورتاغوس لهجة أكثر صرامة، مدفوعة بالمتغيرات الإقليمية الأخيرة، خصوصًا التنازلات السورية السريعة أمام المطالب الأميركية، ما يُضيّق هامش المناورة أمام لبنان. كما تشير إلى أن موقفها منسق بالكامل مع السعودية، حيث التقت في الرياض مسؤولين سعوديين وفرنسيين قبل توجهها إلى الدوحة، وسط انطباع بأن الموقف السعودي أكثر تشددًا من الأميركي حيال لبنان، خصوصًا من قبل وزير الخارجية السعودي يزيد بن فرحان، الذي يواظب على التدخل في تفاصيل الملف اللبناني.

أما في ما يخص زيارة أورتاغوس للإمارات، فقد خُصّصت لبحث موضوع الاستثمار في لبنان، ومستلزمات بسط الدولة سلطتها على كامل أراضيها.

وفي خضم هذا المشهد، لا تزال أصداء تصريحات رئيس الحكومة ضد المقاومة وإيران تتفاعل. النائب محمد رعد، رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة”، اكتفى بالقول إنه لن يرد حفاظًا على ما تبقى من العلاقات. في حين وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة مباشرة إلى سلام، ذكّره فيها بأن رئاسته للحكومة ما كانت لتتحقق لولا الدعم الإيراني للمقاومة التي هزمت الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا إلى شكر من وقف مع لبنان بدلًا من مهاجمته.

من جهتها، نقلت مصادر مقرّبة من سلام لـ”الأخبار” أنه بصدد عقد لقاء قريب مع قيادة حزب الله، مستغربة الحديث عن خلافات بينه وبين رئيس الجمهورية. وأكدت أن مواقف سلام تنسجم تمامًا مع خطاب القسم والبيان الوزاري، مشيرة إلى أن اللقاء المرتقب قد يتناول ملفات إعادة الإعمار، التي طُرحت مؤخرًا في لقاء حزب الله مع الرئيس عون.

وختمت المصادر بالقول إن سلام لا يختلف في المبدأ مع عون بشأن ضرورة أن تتحمل الدولة مسؤولية إدارة هذا الملف، ولكنها ترى أن أي مساعدة خارجية مرهونة بخطوات إصلاحية واضحة، من بينها ملف السلاح غير الشرعي، باعتباره أحد المسارات المتزامنة التي لا يمكن فصلها عن شروط الدعم الدولي.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى