فاطمة دندش | لبنان إلى أين؟


فاطمة دندش

في خضمّ التطورات المتسارعة على الساحة اللبنانية، وسط حالة الترقب والخوف من انفجار أمني أو سياسي كبير، يطرح اللبنانيون سؤالًا مصيريًا: إلى أين يسير وطنهم؟ وإلى متى ستبقى السيادة والكرامة الوطنية عُرضة للانتهاك أمام أعين الجميع دون رد حاسم أو موقف مسؤول؟

لبنان بين الاعتداءات الخارجية والعجز الداخلي:

منذ أكثر من خمسة أشهر، تواصل إسرائيل عدوانها المستمر على لبنان، بالتهديدات تارة، وبالاعتداءات المباشرة تارة أخرى. وبينما كان يُفترض بالدولة اللبنانية أن تتحرك دفاعًا عن أرضها ومواطنيها، اكتفى المسؤولون بتصريحات خجولة لا تسمن ولا تغني من جوع، في ظل غياب أي رد فعل وطني بحجم التحديات.

اليوم، وبعد استهداف الضاحية الجنوبية بالصواريخ، يبدو واضحًا أن التصعيد لا يقتصر على الجنوب فقط، بل يمتد ليشمل جميع المناطق اللبنانية، في محاولة مكشوفة لزعزعة الأمن الداخلي وتمهيد الأرض لتوترات أكبر.

يُطرح هنا سؤال منطقي: لو لم يكن “حزب الله” موجودًا، ماذا كانت لتفعل الدولة اللبنانية؟ الإجابة البسيطة والواضحة: لا شيء. فمن فقد سيادته وقراره الحر، لا يمكنه الدفاع عن أرضه ولا شعبه.

مخطط خطير يُحاك للبنان:

الواقع اليوم يُظهر أن لبنان يرزح تحت احتلال داخلي مقنع، تغذيه إسرائيل عبر أدوات محلية معروفة، تستغل الطائفية البغيضة، وتلهب النفوس بخطابات تحريضية تهدد وحدة المجتمع. يضاف إلى ذلك التدخلات الخارجية العلنية، التي تدير المشهد اللبناني لخدمة أجندات تتقاطع كلها عند هدف واحد: ضرب المقاومة وإضعاف روح الصمود.

الهدف واضح: تفتيت الداخل اللبناني، تعميق الانقسام السياسي والطائفي، وإبقاء البلاد في حالة استنزاف دائم، بين دعاة التطبيع الذين لا يخفون استعدادهم لفتح أبواب الوطن أمام الاحتلال، وبين مقاومين يعضّون على الجراح دفاعًا عن الأرض والعِرض.

الخطر الأكبر: الحرب الأهلية

من المؤسف أن بيئة الحرب الأهلية تبدو اليوم مهيأة أكثر من أي وقت مضى: فوضى إعلامية، انفلات أمني، غياب القضاء العادل، وتواطؤ بين أمراء الحرب القدامى الذين يواصلون ممارسة سياساتهم الحاقدة والمدمرة.

الخارج يحضر نفسه لدفع لبنان نحو الفوضى الكاملة إذا فشلت محاولات ضرب “حزب الله” بالوسائل الأخرى. لكن في المقابل، يقف وعي أبناء المقاومة وثقافتهم الوطنية الصلبة كخط الدفاع الأخير في وجه هذا المخطط الجهنمي.

في النهاية الحذر واجب:

لا شك أن صبر أبناء المقاومة وحكمتهم حالت حتى الآن دون انزلاق لبنان إلى حرب أهلية جديدة. ولكن الحذر واجب. فالمخططات لم تتراجع، بل تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض. مسؤولية الجميع اليوم أن يكونوا على قدر الوعي والتضحية، دفاعًا عن لبنان، كل لبنان

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى