خديجة مروة | هل سيكون “الحريديم” السبب في سقوط نتنياهو؟

تقرير: خديجة مروة

منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948 ، واجهت إسرائيل مسألة تجنيد اليهود المتشددين المعروفين بالحريديم، وكان رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قد عاملهم معاملة خاصة، كونهم كانوا ضامنين لاستمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية.

ويجمع اليهود المتشددين على أن دولة إسرائيل وحياة اليهود فيها يجب أن تحكمها الشريعة اليهودية والتعاليم التوراتية، وليس مبادئ الديمقراطية وقيم الصهيونية والقوانين التي شرعها الإنسان. وعليه، يوظفون نفوذهم السياسي من أجل فرض هذه التعاليم على الحياة اليومية للإسرائيليين.

يشكل اليوم اليهود المتشددون 13 في المائة من سكان إسرائيل، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 19 في المائة بحلول عام 2035، بسبب ارتفاع معدل الولادات.

يرفض اليهود المتشددون التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال السنوات الثلاث.

ويعتبر قادة المتدينين اليهود أن مهمة “الحريديم” تقتصر على دراسة التوراة فقط، وأن التفرغ لدراستها لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية.

في حين يقول اليهود المتشددين أن الانخراط بالجيش الاسرائيلي يتعارض مع تعاليم الدين اليهودي بسبب صعوبة الحفاظ على التدين والتعاليم اليهودية بسبب الاختلاط في الجيش، بحيث أن التعاليم اليهودية تنص على الفصل بين الجنسين وتمنع الاختلاط والعلاقات بين الرجال والنساء، ويلتزمون أيضاً بيوم السبت اليهودي كيوم عطلة مخصص لزيارة الكنس وقراءة التوراة فقط.

هذا وقد عادت قضية اليهود الأرثوذكس المتشددين أو “الحريديم” وصراعهم ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي إلى الواجهة من جديد، وكان نتنياهو قد وعد مطلع العام، الاحزاب المتشددة في حكومته من الالتحاق بالخدمة العسكرية بإعتماد الكنيست قانون خاص بالتجنيد يلبي مطالبها، اي الاعفاء من التجنيد. وكانت المحكمة العليا قد أبطلت عام 2018 قانوناً يعفيهم من الخدمة في الجيش، علماً أن سريان أمر اصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الالزامي للحريديم سينتهي في اخر شهر آذار/ مارس.

هذا وقد تظاهر مئات الإسرائيليين رافعين العلم الإسرائيلي أمام المحكمة العليا في القدس، تزامناً مع انطلاق جلسات استماع في المحكمة بشأن المبررات الملزمة لليهود المتشددين بأن يخدموا في الجيش الإسرائيلي.

وكان قد أعفي اليهود المتدينون المتشددون من الخدمة العسكرية تحت ضغط ممثليهم السياسيين في الكنيست وفي الحكومة، الذين يقولون إن دور الرجل المتدين هو دراسة التوراة وليس التجنيد.

وتثير اعفاءات الحريديم من الخدمة الالزامية غضباً واستياء واسعين، إذ يشعر عدد كبير من الإسرائيليين بالاستياء جراء إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة في الجيش في ظل سقوط أكبر عدد من القتلى بصفوف الجيش الإسرائيلي منذ عقود، وبسبب القتال المستمر مع الفصائل الفلسطينية وأخرها الحرب الدائرة مع حركة حماس في غزة والمواجهات على الحدود اللبنانية.

هذا وقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت إن الحرب الدائرة في غزة وعلى الحدود الشمالية لا تترك للبلاد “أي خيار آخر”. لكن كما هو واضح في ردّ الفعل الأولي للأحزاب المتشددة، أن هذه الأزمة تشكل تحدياً كبيرا لنتنياهو.

أما الوزيران بيني غانتس وغادي آيزنكوت، فربطا بين دعمهما قرار تمديد فترة الخدمة العسكرية، وقبول خطتهما لتوسيع التجنيد، بهدف زيادة عدد المجندين تدريجياً في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها اسرائيل، وفق “تايمز أوف إسرائيل”.

هذه الازمة تشكل تحدياً كبيراً لنتنياهو بعد رد فعل غاضب من الاحزاب المتشددة، إذ يُعدّ مشروع قانون التجنيد جزءاً من الاتفاقيات الائتلافية بين مركبات الحكومة، حيث وُعدت به الأحزاب الدينية، من أجل منع المحكمة العليا من إلغاء قانون الإعفاء من التجنيد بحق المتدينين.

فكيف ستتعامل حكومة نتنياهو مع هذا الملف؟ وهل ستؤدي الخلافات الى تفكك إئتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحاكم وتكون التعديلات المقترحة على قانون التجنيد سبباً في سقوطه؟ الجواب هو في نهاية الشهر الحالي فلننتظر ونرى…

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى